بسم الله.الرحمن.الرحيم
الحمد لله.رب.العالمين والصلاة والسلام على أشرف.الأنبياء والمرسلين وبعد:
السلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته
نصيحة لطلبة العلم
للشيخ عبد العزيز بن باز
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله ، نبينا محمد وآله وصحبه .
أما
بعد : فلا ريب أن طلب العلم من أفضل القربات ، ومن أسباب الفوز بالجنة
والكرامة لمن عمل به . ومن أهم المهمات الإخلاص في طلبه ، وذلك بأن يكون
طلبه لله لا لغرض آخر ، لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به ، وسبب التوفيق لبلوغ
المراتب العالية في الدنيا والآخرة .
وقد جاء في الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا
يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة - يعني
ريحها -" أخرجه أبو داود بإسناد حسن .
وأخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من طلب العلم ليباهي به العلماء أو
ليماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار" فأوصى كل
طالب علم ، وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة ، بالإخلاص لله في جميع الأعمال
عملا بقول الله سبحانه وتعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يقول الله عز وجل
أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه"
كما
أوصى كل طالب علم ، وكل مسلم ، بخشية الله سبحانه ، ومراقبته في جميع
الأمور ، عملا بقوله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وقوله سبحانه : (وَلِمَنْ
خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال بعض السلف : رأس العلم خشية الله
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار
به جهلا وقال بعض السلف : من كان بالله أعرف كان منه أخوف ويدل على صحة
هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : "أما والله إني لأخشاكم
لله وأتقاكم له" فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سببا لكمال تقواه
وإخلاصه ووقوفه عند الحدود وحذره من المعاصي .
ولهذا قال الله
سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
فالعلماء بالله وبدينه ، هم أخشى الناس لله ، وأتقاهم له ، وأقومهم بدينه ،
وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ثم أتباعهم بإحسان .
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السعادة أن يفقه العبد
في دين الله ، فقال عليه الصلاة والسلام ، من يرد الله به خيرا يفقهه في
الدين أخرجاه في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه ، وما ذاك إلا لأن
الفقه في الدين يحفز العبد على القيام بأمر الله ، وخشيته وأداء فرائضه ،
والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، والنصح لله
ولعباده .
فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وجميع طلبة العلم وسائر
المسلمين الفقه في دينه ، والاستقامة عليه ، وأن يعيذنا جميعا من شرور
أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم على
عبده ورسوله محمد وعلى إله وصحبه .
نشرت في مجلة التوحيد المصرية ، ص 11 - 12 .
و السلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته